الحياة سفينة تقل الإنسان، وقد ألقتها الطبيعة في خضمِّ العمران، ونُشرت على أدقالها شراع الآمال، وشُدَّتْ إليها دفة الأميال، تداعبها رياح الأقدار، وتصارعها عواصف الأخطار، تضل بهما التقادير تارةً، وتهتدي بها التدابير أخرى، وهي من اليأس والرجاء بين موجتين، ومن البؤس والشقاء بين لجتين، تارةً تقذفها موجة اليأس إلى لجة البؤس في بحر صروف الأيام، وطورًا تجذبها موجة الرجاء إلى لجة الهناء في ميناء السلام، تدير يد الأماني دفتها، ويختط منظار البصيرة خطتها، ويوجه الضمير إلى قطبي الاستقامة إبرتها، وقد جعل العقل ربانها، والجهاد مجراها، والحرص على البقاء مبتغاها، ونهاية الأجل مرساها، فإن تولت الحكمة إدارتها، والجد حركتها، وصلت إلى مرسى الهناء عند شاطئ البقاء، وإن طوَّح بها الطيش، وأرخى حبالها الكسل؛ ترامى بها الشقاء في لجج الفناء.